كيف تعيش سعيدا

كيف تعيش سعيدا؟

تمهيد:- كثير من الناس عندما يصيبهم الكرب والهم والأسى والحزن والانكسار كأنهم أعجاز نخل هاوية تجدهم يبتهلون إلى الله بالدعاء ويتضرعون إليه وبعدها يتساءلون السؤال ذاته.

كيف أعيش سعيدا؟

وفي هذه الوريقات سنقوم بالإجابة عن هذا السؤال العظيم بما استنبطناه من قوانين الحياة ونواميسها وبما أمرنا الله به ورسوله.

فعلى بركة الله نبدأ وبه نستعين.

كيف تعيش سعيدا؟

1 - عليك بالتوبة وذكر الله:-

* لأن التوبة:- سبب لمحو الخطايا ، وتطهير القلب ، وتغيير النفس ، ومراجعة القرارات التي أصدرتها فتقوم بإصلاح ما أفسدت واتخاذ قرارات تزيدك اعتدالا وسعادة.

*أما عن ذكر الله:- فهو كالغنى من بعد الفقر ، والعلم من بعد الجهل ، والنور من بعد الظلمات ، والهدى من بعد الضلالة، وفيه زيادة في الحسنات ، وسعادة الأيام ، وهو دواء الروح ، وصفاء النفس.

فقد قال الله تعالى:{الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.⁽¹⁾

وأما عن الإعراض عنه:- فهذا يسبب لك الشقاء ، والتعاسة ، والبعد عن الله.

فقد قال الله تعالى:{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى}.⁽²⁾

فلا تنس ذكر الله.

2 – حافظ على أداء حقوق الله تعالى:-

فالمحافظة على حقوق الله تعالى من أداء فرائضه من صلاة وزكاة الخ يرجع عليك بمنافع كثيرة منها:-

رضا الله – السعادة – السيرة الحسنة – النشاط – النجاح والتألق – الجنة.

3 – لا تنظر إلى الماضي ولكن خطط للمستقبل:- فالماضي ليس له فائدة إلا أخذ العبرة منه ، فمن خلال أخذ العبرة منه تستطيع أن تختار بإرادتك سبيلا تسير فيه.

فخطط لنفسك طريق النجاح ، وإياك وأن تسمع إلى قول فلان وفلان ، لكي تأتيك السعادة جاثية على ركبتيها.

4 – عليك بطلب العلم:- خاصة العلم الذي تعلم جيدا أنك تحبه ، وتريد أن تتعلمه ، فادخل في التخصص الذي تريده وانجح فيه ، وإياك والكسل ، لتكون لامعا وعلما من أعلام الأمة في يوم من الأيام ، حينها ستكتمل سعادتك.

5 – كن مع نفسك ولا يهمك شئون غيرك:- فكل امرئ بما كسب رهين ، وأنت لن تنال السعادة منهم ، بل في الحقيقة ستجد أن أغلبهم لا يريدون إلا مصلحتهم منك.

فلماذا إذا تفكر في شئونهم وتقول:- هذا قد نجح وذاك قد فشل ، هذا لم يسمع كلامي ففسد حاله وذاك سمع  كلامي فنجح؟

فيا أخي ليس بهذا تأتيك السعادة ، بل يأتيك الحزن والألم.

فعليك بنفسك ، وخطط لنفسك ، وعامل الباقي كما يرضي المولى عز وجل ، فحينها ستنتهي آلامك وتأتيك السعادة.

6 – نم موهبتك وحاول أن تنشرها وتعمل على تحقيقها:- فلكل انسان موهبة يحبها ، فإما أن يخفض من شأنها فيخفض معها شأنه ، وإما أن يرفع من قيمتها فتعلوا معها قيمته.

فنم موهبتك بأن تتعلم عنها المزيد والمزيد ، وارفع من قيمتها ، وحافظ عليها ، فإنها كالجوهرة التي يتمناها الجميع ، واستفد بعدها منها ، فهي سبب كبير في اتيان السعادة.

7 – اسعد غيرك:- فسعادة الغير سببا كبيرا في اتيان السعادة.

 لكن لهذا الأمر شرط ألا وهو:- هب السعادة لمن يستحق.

فإنك لو عاونت المحتاج ، وكنت سببا في شفاء مريض ، ودفعت المال عن أحد الغارمين ، ستتيقن أنك في نعمة كبيرة ، وفيها شعاع من السعادة ، لكن غيرك ليس عنده هذا الشعاع.

وسيعود عليك هذا الأمر بأمور كثيرة منها:-

مرضاة الرب – عودة السعادة لك – زيادة في الحسنات – حب الناس لك.

فحاول أن تفعل ذلك حينها ستبلغ مناك.

8 – جالس السعداء ومن تشعر معهم بالسعادة:- فلماذا تجاور التعساء الحاقدين الناقمين عليك؟ ألا تعلم أنهم السبب الأكبر في تعاستك؟.

يا هذا:- السعداء كثيرون ، فقط عليك بالبحث عنهم ، عندها ستجدهم.

واعلم:- أن أكثرهم يكون في المتفوقين في دراستهم ، والناجحين في أعمالهم ، وعمار المساجد من الصالحين.

وما أجمل أن تبحث عن هؤلاء الذين يسعدونك ويزيلوا همك وكربك بمجرد أن ترى العينان العينين من غير أن يشعروا بذلك.

فابحث عنهم وقوي أواصر الود والمحبة أكثر معهم فمثل هؤلاء لا يظهروا في حياتك كثيرا فإياك أن تخسرهم.

9 – عليك بمصالحة خصومك:-

وهنا أقف وأقول:- صالحهم لشيء واحد.

ألا وهو:- مرضاة الله تعالى لا لشيء آخر.

أي أنك بعد مصالحتهم ، عليك بشيئين:- قلة زيارتهم والتحدث معهم – الحذر منهم والتعلم من الدرس.

فهذا سيعود عليك بخمسة أشياء:-

راحة النفس – السعادة – الزيادة في الحسنات فخيركم من بدأ بالسلام – عدم ظلم الأبناء إن كان خصمك من عائلتك – المصلحة منهم في المستقبل فأنت لا تعلم ما يكون غدا.

10 – اختر أصدقائك:-

وأخيرا: اختر أصدقائك.

فلقد أخبرنا أبو موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال:{إِنَّمَا مَثلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ وَجَلِيسِ السُّوءِ كَحَامِلِ المِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ وَإمَّا أنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإمَّا أنْ تَجِدَ مِنْهُ ريحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ إمَّا أنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإمَّا أنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا مُنْتِنَةً}.⁽³⁾

ولا تنسى أن نبينا صلى الله عليه وسلم قد قال:{الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ}.⁽⁴⁾

وعلى حسب اختيارك الصديق تكون درجة سعادتك.

الخاتمة

هذه هي اجابتي المتواضعة التي استنبطها من قوانين الحياة ، جعلتها في عشرة عناصر ، ولكن إن لم ينفذ فيها عنصر من العناصر فسعادتك ستكون ناقصة.

فها هو طريق السعادة قد بينته لك إن أحببت أن تسلكه.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كتبه:- إبراهيم محمد إبراهيم الصياد.

في يوم مساء يوم الثلاثاء الموافق:-

16 من جمادى أول 1440 هـ

22 من يناير 2019 م.

14 من طوبة 1735 ق.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) {سورة الرعد: 28}

(2) {سورة طه: 124-126}

(3) {أخرجه البخاري: باب المسك (7/96)، رقم: (5534) - ومسلم: كتاب البر والصلة والآداب، باب استحباب مجالسة الصالحين، ومجانبة قرناء السوء (4/2026)، رقم: (2628)}.

(4) {أخرجه أبو داود: كتاب الأدب، باب من يؤمر أن يجالس، رقم (4833) – والترمذي: أبواب الزهد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، باب ما جاء في أخذ المال، رقم (2378)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع، رقم (3545)}.