المقدمة
بسم
الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين،
والصلاة والسلام على المصطفى خير المرسلين، وشفيع العالمين، والشكور لربه والمتعبد
له طوال الأيام والسنين، الذي أدى رسالته على أتم حكمة وموعظة وإرشاد وبرهان
وفصاحة وأخلاق وبر حتى علا هذا الدين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم
بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
فقد
كلفت بعمل بحث كإجراء لنجاحي بإذن الله في مادة (الأدب المقارن)، ولقد منّ دكتور
المادة على طلابه باختيار موضوع واحد من عدة مواضيع لعمل البحث.
ولقد
قمت باختيار موضوع (شوقي رائد المسرحية الشعرية في أدبنا العربي الحديث) بحثا عما
عداه لأهميته؛ فكيف بي أغفل عن هذا الرجل صاحب الفضل على أدبنا العربي هكذا دون أن
أبين فضله؟
ولقد
اخترت بعد كتابي الدراسي كتاب (الأدب المقارن للدكتور محمد غنيمي هلال) وكتاب
(آفاق الأدب المقارن عربيا وعالميا للدكتور حسام الخطيب) مراجع لي لإثبات بعض
الفوائد والأحكام.
ولقد
كان منهجي في هذا البحث أخذ المسائل الهامة فقط من مراجعي ومصادري عما عداه، وعدم
أخذ أي حشو يطيل من البحث وهو ما لا يجوز لنا في هذا المقام، وأكثرت من الاهتمام
في عرضي للموضوع بأن لا أخرج عن دائرة البساطة، فقدمت ما كان حقه التقديم وأخرت ما
حقه التأخير وقد ذكر في مراجعي على غير هذا المنوال، وأظهرت شخصيتي في البحث
فلعلها تلقى قبولا.
وقسمت
البحث إلى ثلاثة مطالب: بداية رحلة شوقي في تأليف المسرحيات الشعرية – مظاهر تأثر
شوقي في أعماله المسرحية ومجموع فوائد – الحكم على شوقي، وأتبعت ذلك كله بخاتمة.
وأسأل
الله العظيم أن ينفعني بهذا البحث وأن ينفع قارئه وأسأل من الله القبول.
شوقي رائد المسرحية الشعرية في أدبنا العربي الحديث
المطلب الأول: بداية رحلة شوقي في تأليف المسرحيات الشعرية
(أحمد
شوقي) كان شاعرا، وقد أرسله الخديوي توفيق في بعثة لمدة أربع سنوات ليدرس الحقوق،
وحثه على أن يمعن النظر في دراسة معالم الحضارة والثقافة الفرنسية.
وكانت
فرنسا في ذلك الوقت سيدة المسارح الكلاسيكية خاصة وغير الكلاسيكية كالرومانتيكية
والواقعية عامة، فكان يُعرض في باريس روائع المسرحيات الكلاسيكية، وكانت هذه
المسارح تحت رعاية الدولة، وقد اتسعت شهرتها في معظم دول العالم، وكانت شعرية.
وكان
شوقي يتردد على مسرح "الكوميدي فرانسيز"، في باريس وشاهد ما يمثل عليه
من روائع الأدب التمثيلي الكلاسيكي والرومانتيكي والمعاصر، ومن هنا كان تأثره
بالكلاسيكية في عصر الرومانسية، وأولع بهذا الفن ولعا شديدا، فضلا عن أن المسرحيات
الكلاسيكية كانت شعرية فبدهي أن تصادف هوى شوقي، فهو شاعر في المقام الأول ولذا
تأثر بها فأراد أن يحاكيها فنظم مسرحياته شعرا، فوضع وهو لا يزال يطلب العلم
بباريس أولى مسرحياته وهي "علي بك الكبير" وأرسلها إلى السراي، ولكنها
لم تصادف هوى السراي، وكان ذلك في سنة 1893، فلما تغيرت الظروف السياسية في سنة
1927 أعاد صياغتها، ثم كتب بعدها كليوباترة، مجنون ليلى، عنترة، قمبيز، أميرة
الأندلس، والست هدى.
وكان
تأثره بالكلاسيكية تلقائيا بعيدا عن أية فلسفة أو تمذهب، إذ لم يكن قد سبر المذاهب
الأدبية حتى يتوجه إليها أو ينتقي منها عن وعي وتعمد، وإلا لكان مثلا قد تقيد في
مسرحه بكافة الأصول الكلاسيكية، ولكنه أخذ منها ما يصادف هواه، وبصورة عفوية.
فأفضى
ذلك التأثر إلى تداخل تيارين في مسرحه أحدهما شرقي يمثل الذات العربية، والآخر
غربي يمثل قراءاته ومشاهداته ألوانا من هذا الفن في فرنسا.
(1)
ومما
سبق يتبين لنا كما قال معلمي (أ.د/ طلعت صبح السيد) في محاضراته لنا:
أن
مسرحيات الشاعر (أحمد شوقي) احتلت الريادة الإبداعية في هذا اللون، وأنه كان
للكلاسيكية الفضل في استبيان هذا اللون المسرحي في أدبنا المعاصر.
المطلب الثاني: مظاهر تأثر شوقي في أعماله المسرحية ومجموع فوائد
قد
تمثل تأثر شوقي في ثلاثة مظاهر هي: الحبكة، والنزوع إلى التاريخ، والصراع.
فضلا
عن أنه اتخذ الشعر أداة للتعبير في خمس مسرحيات من تأليفه، وفضلا عن مسرحيته
الكوميدية "الست هدى"، كما أنه قصر البطولة على الملوك والأمراء الذين
هم أصلح للتراجيديا.
ويطيب
لنا أن نعرض لتلك المظاهر وهي مشاهدة في مسرحياته، فنفهم إذا تمسك شوقي بتلك
المظاهر أم لا.
أولا:
بالنسبة للحبكة.
وهي
الآلية التي من خلالها يتم تحديد الحوار ورسم الشخصيات توصلا إلى الهدف المقصود.
وهي
وفقا للقواعد الكلاسيكية، لا تتم إلا من خلال الوحدات الثلاث.
أما
عن وحدة الموضوع: فشوقي لم يلتزم حرفيا بوحدة الموضوع، بل كثيرا ما أضاف على
موضوعه الأصلي موضوعا ثانويا أو أكثر، ولم يوفق في ربط الموضوعات الثانوية
بالموضوع الأصلي ولا في استخدامها على نحو يساهم في تحديد معالم الشخصيات أو تعزيز
الأثر العام للمسرحية.
وعلى
سبيل المثال أضاف شوقي في مسرحية كليوباترة قصة حب بين "هيلانة" وصيفة
كليوباترة، وبين تابعها المصري "حابي"، مع القصةٍ الأساسية في مسرحيته
والتي بطلاها "أنطونيو" و "كليوباترة".
ولن
تكاد تجد ما يربط بين هذين الموضوعين، بل ربما أضعفت هذه الإضافة من تأثير الموضوع
الأصلي.
وبذلك
يتبين لنا أن وحدة الموضوع تحمي المسرحية من الترهل.
وبالنسبة
لي – الطالب، كاتب البحث – "أراها أنها تحتاج لمهارة عند استخدامها"؛
فشكسبير على سبيل المثال قد خرج بإضافته عقدا جانبية إلا أن هذه الإضافة ساعدت على
دعم العقدة المحورية في المسرحية.
ولم
يوفق شوقي كذلك في كتابة خاتمة بعض مسرحياته كالتي نراها في مسرحية
"كليوباترة"؛ حيث ينتحر البطلان الرئيسان، وبدلا من أن تختتم المسرحية
بذلك، نرى هيلانة وقد أسعفت من السم ونهضت لتتأبط ذراع حابي، وتخرج معه من المسرح
إلى حيث الضيعة، التي اقتطعتها إياها كيلوباترة قبل انتحارها.
وإن
قيل أن ذلك من باب "الترويح" ليخفف من وقع الفاجعة على المتلقي، فإنه لا
يجوز في مقام كهذا، لأن كلا البطلين عبر عن شهواته وتخبط في حياته، وهنا يكون
الترويح عيبا في الخاتمة، لأنه يبدد الأثر الضعيف لمشهد البطلين، وبهذا انتهت
المسرحية بما يسميه بعضهم "ذيل السمكة" أي بنهاية لا يمكن الإمساك بها.
وشوقي
كثيرا ما يقحم على المسرحية مشاهد قصصية تعرقل الحبكة وتعوق بناءها؛ كمرور موكب
الحسين بن علي في صحراء الحجاز، وكذلك مسرحية أميرة الأندلس.
فهو
يقحم عددا من اللوحات الاستعراضية، ويقحم على الحوار مقطوعات من الشعر الغنائي
تنكص إلى ذكريات الماضي، أو تتغنى بالحب وذكرياته، فتبدو وكأنها قصائد غنائية أقرب
إلى "المونولوج" أو النجوى الذاتية.
وهذه
الإضافة تختلف في حبكتها عن المسرحيات العالمية الكبرى، لأن المسرحيات العالمية
الكبرى تضيف جديدا إذ تتضمن اعترافات، أو تسلط الضوء على جوانب خفية من الشخصية،
أما إضافات شوقي، فلا تعدو أن تكون انفعالات غنائية فلا تكشف عن ماضي الشخصية من
ناحية، ولا تساعد على تطوير حاضرها من ناحية أخرى.
إلا
أنه في نهاية الأمر لا يجوز لنا أن نقول أن حبكة شوقي ضعيفة وذلك لأن الأمر يختلف
في بعض أعماله كمسرحياته الثلاثة "علي بك الكبير"، و"مجنون
ليلى"، و"عنترة"، فكانت الحبكة قوية ومسايرة للأحداث. (2)
ثانيا:
بالنسبة للنزعة التاريخية.
وهذه
النزعة من الثوابت الكلاسيكية.
والغرض
لدى الكلاسيكين من هذه النزعة هو: تطويع الخوارق القصصية بتقديمها في إطار تاريخي
وإخراجها إلى أفق إنساني.
وهذا
ما فعله شوقي حيث اختار موضوعاته من التاريخ، واستلهم من تاريخ مصر موضوعات
لمسرحياته الستة: مصرع كليوباترة، قمبيز، علي بك الكبير، مجنون ليلى، عنترة، أميرة
الأندلس، فهو شأن الكلاسيكين يؤثر المسرح التاريخي على المسرح المعاصر.
إلا
أن شوقي لم يلتزم بالتاريخ الحقيقي، ففي مسرحيتي عنترة ومجنون ليلى يتداخل فيهما
الحقيقي بالأسطوري على نحو يصعب الفصل بينهما، وفي مسرحية قمبيز أثر فيها الجانب
الأسطوري على الجانب التاريخي، إذ علل غزو قمبيز لمصر بأنه خدعة فرعون له في أن
زوجه من فتاة ادعى أنها ابنته، وكان يمكن مثلا أن يعلله بأسباب سياسية أو
اقتصادية. (3)
أقول
– الطالب، كاتب البحث –: لعل شوقي قصد بذلك أن يقلل من ذكاء قمبيز، ويجعل المكر في
فرعون مصر مما يعطي للفرعون مهابة وقوة لما فعل.
ثالثا:
بالنسبة للصراع.
الصراع
من خلال ما تعلمت – الطالب، كاتب البحث –: "هو إظهار حالة العناء والحزن
والكرب في اختيار شيء على شيء آخر، بينما لا تريد أن تخسر الاثنين".
وهذا
النمط ينطوي على صراع داخلي قد يكون بين الوفاء للزوج، وبين حب الابن، فتتم
المفاضلة بينهما باختيار أحدهما وترك الآخر.
والصراع
لا يرتفع عن المسرحية الكلاسيكية إلا وعناصر الأزمة قد تجمعت واشتبكت ووصلت إلى
القمة، ثم لا تلبث أن تأخذ في الانفراج أو التطور نحو نهايتها المحتومة العضوية.
بمعنى
أن الأزمة اشتدت والمحنة عظمت ثم ما تلبث أن تنفرج رويدا رويدا بانتهاء المسرحية.
والصراع
لا غنى عنه في المسرحية لأنه يولد الحركة المسرحية ويخرج بها عن الاستعراض كما
يخرج بالحوار عن مجرد المناقشة.
ويكون
بسبب عوامل داخلية أو خارجية، أو قائم على عواطف متقاربة أو متباعدة.
إلا
أن شوقي أخفق على المستوى التطبيقي، سواء في اختياره العناصر أو في استخدامها في
تقوية الصراع واستثارة المتلقي.
ففي
مسرحية مجنون ليلى مثلا، يدور الصراع بين عاطفة ليلى نحو المجنون، وتقاليدهم
الاجتماعية التي لا تزوج الفتاة ممن تغزل بها، ولكنه مع ذلك صراع فاتر ذلك أن ليلى
مع حبها قيسا أتيح لها أن تتزوج منه حين خيرت بينه وبين ورد.
ولكنها
اختارت الأخير دون أن تبدي أي صراع أو معاناة جاء التضحية بحبها لصالح ذلك التقليد
القبلي. (4)
=
فائدة:
فضلا
عن هذه المظاهر الكلاسيكية في مسرح شوقي، فهناك ظاهرتان تعززان التوازن عنده:
فالأولى: أنه أثر الوصف على المشاهد في بعض الأحداث، فلم يعرض مثلا على المسرح حرب
أنطونيو مع أوكتاف، أو حرب علي بك الكبير مع محمد بك أبي الدهب.
وأما
الثانية: فهي أن مآسيه على أزمة تتصارع فيها قوى نفسية وأخلاقية متعارضة وإن كان
هذا الصراع سطحيا أحيانا لا يتعمق أغوار النفس البشرية. (5)
=
فائدة 2:
قد
كان شوقي عاشقا لوطنه محبا لتراثه ويدافع عنه دفاعا مستميتا في مسرحياته وأدبه،
فكان يبرز بعض جوانب الحياة المصرية القديمة، ويدافع عن شخصياته دفاع المحب
لتراثه.
فهو
قد قصد من تأليف مسرحية (مصرع كليوباترا)، أن يرد على الغربيين فيما يرون من أن
(كليوباترا) تمثل العقلية الشرقية في نظرهم، وفي ميلها إلى لذة العيش ومتاعه،
والانتصار بالخديعة لا بالجهد، وسلوك سبيل المكر والحيلة، فدافع شوقي عنها لا
بوصفها ملكة، بل بوصفها مصرية شرقية، فقد قدمها في صورة المخلصة لوطنها وتؤثره على
حبيبها وتحيا وتموت لمجد مصر، وتأبى أن تسأم الذل. (6)
=
فائدة 3:
تعد
رواية هيرودوتس مصدرا لقصة (قمبيز)، إلا أن شوقي لم يأخذ من المصدر مباشرة لعدم
علمه بلغة الإغريق واليونان، فربما قرأ ملخصها في كتاب عن هيرودوتس أن عن تاريخ
مصر ضرورة أن النص لم يكن يومئذ قد ترجم.
ولم
يتصل شوقي بهذا المصدر الكلاسيكي اتصالا مباشرا لأن هيرودوتس معروف بمحاباته
للفرس، بينما شوقي كان هدفه من المسرحية الإشادة بمجد مصر وعراقتها وتاريخها
وثباتها في وجه المستعمر.
وكانت
معالجته للمسرحية شديدة التأثر بالكلاسيكية الجديدة التي ظهرت في فرنسا إبان عصر
النهضة، في القرن السابع عشر. (7)
المطلب الثالث: الحكم على شوقي
1 –
في مجال البحث في الأدب المقارن يتحدث الدارسون كثيرا عن الأدباء الذين صنعوا
الاتصال والتأثر والتأثير ... ونحن إزاء عبقرية متفتحة الأفق تفعل كل ما تفعله
للنهوض بالأدب العربي من خلال وعي كامل بمسؤولية التطوير والإحياء... وإن إدخاله
الشعر المسرحي في الشعر العربي ناحية من نواحي التجديد التي طمح إلى تحقيقها في
مطلع شبابه ... فضلا عن أن محاولاته التجديدية تفيد في تحديد مرحلة الاتصال
بالآداب الغربية التي كان الأدب العربي قد وصل إليها عند نهاية القرن التاسع عشر
تماما. (8)
ولقد
كان في تأليفه مسرحية (مصرع كليوباترا) سنة 1929م أهمية في أدبنا العربي لأنها
تعتبر البدء للأدب المسرحي الصحيح في لغتها الرفيعة، وفي كثير من الجوانب الفنية
التي توافرت فيها بالقياس إلى ما سبقتها من مسرحيات. (9)
2 –
أرى والله أعلم أن لشوقي مذهبه الخاص، والدليل على ذلك خروجه عن القواعد
الكلاسيكية، ولعله في كل خروج حدث منه على نحو ما بينت؛ له فيها فلسفة وجدانية لم
يذكرها ولم يؤصل لها، فلعل هذا هو الذي جعل النقاد والباحثون يقولون فيه ما يقولون
من أخطاء ربما تكون عند شوقي ومن وجهة نظري ليست بأخطاء، فلا ننسى أنه شاعر،
والشاعر إذا أتته الخاطرة فأعجبته فإنه يذكرها وإن كان سيكون منها خروجا عن
القواعد وعن المألوف.
3 –
قد حُكم على شوقي بأن سبب خروجه عن الكلاسيكية ووحداتها بأنه يرغب في إحداث توازن
بين هويته العربية وثقافته الغربية، أو أنه يعتمد في ذلك على ذوقه الفطري دون
تفلسف أو تمذهب، وهذا يحسب له لا عليه. (10)
4 –
وكما قال (أ.د/ طلعت صبح السيد) في محاضراته لنا:
وعليه:
فمسرحيات شوقي تؤكد أنه الرائد الإبداعي للمسرحية الشعرية في أدبنا الحديث، وجميع
معالجته جاءت شديدة التأثر بالكلاسيكية الجديدة، التي ظهرت في فرنسا إبان عصر
النهضة في القرن السابع عشر.
ومهما
وجه إلى شوقي من مآخذ فإننا يمكننا أن نقول: إنه كان رائدا في مجال كان بالنسبة له
بكرا، ومن المسلم به أن الريادات دائما لا تولد كاملة، فالكثير من تلك الأصول
الكلاسيكية، أمر نسبي لم يتحرج الغربيون أنفسهم من الخروج عليها.
الخاتمة
بفضل
الله وكرمه ومنه تيسر لي إتمام عمل بحث (شوقي رائد المسرحية الشعرية في أدبنا
العربي الحديث)، بعد أن بينت فيه ما كان غامضا وخططت له طريقا يسيرا ممتعا شيقا
دون اعوجاج فيه.
لقد
وصلنا في هذا البحث إلى أن (شوقي) كان يتردد على مسرح "الكوميدي
فرانسيز"، في باريس وشاهد ما يمثل عليه من روائع الأدب التمثيلي الكلاسيكي
والرومانتيكي والمعاصر، ومن هنا كان تأثره بالكلاسيكية في عصر الرومانسية، وأولع
بهذا الفن ولعا شديدا، فضلا عن أن المسرحيات الكلاسيكية كانت شعرية فبدهي أن تصادف
هوى شوقي، فهو شاعر في المقام الأول ولذا تأثر بها فأراد أن يحاكيها فنظم مسرحياته
شعرا.
وكان
تأثره بالكلاسيكية تلقائيا بعيدا عن أية فلسفة أو تمذهب، فأفضى ذلك التأثر إلى
تداخل تيارين في مسرحه أحدهما شرقي يمثل الذات العربية، والآخر غربي يمثل قراءاته
ومشاهداته ألوانا من هذا الفن في فرنسا.
وأنه
قد تمثل تأثر شوقي في ثلاثة مظاهر هي: الحبكة، والنزوع إلى التاريخ، والصراع، إلا
أنه لم يلتزم بثوابت الكلاسيكيين في بعض الأحيان.
وأنه
كما قال (أ.د/ طلعت صبح السيد) في محاضراته لنا:
وعليه:
فمسرحيات شوقي تؤكد أنه الرائد الإبداعي للمسرحية الشعرية في أدبنا الحديث، وجميع
معالجته جاءت شديدة التأثر بالكلاسيكية الجديدة، التي ظهرت في فرنسا إبان عصر
النهضة في القرن السابع عشر.
ومهما
وجه إلى شوقي من مآخذ فإننا يمكننا أن نقول: إنه كان رائدا في مجال كان بالنسبة له
بكرا، ومن المسلم به أن الريادات دائما لا تولد كاملة، فالكثير من تلك الأصول
الكلاسيكية، أمر نسبي لم يتحرج الغربيون أنفسهم من الخروج عليها.
أرجوا
من الله تعالى أن يجعل هذا البحث المتواضع نافعا ينتفع به من قرأه، وأسأل التوفيق
والسداد.
فهرس المصادر
1 - كتاب الأدب المقارن ومعرفة الآخر، تأليف الأستاذ الدكتور/ محمد
طه عصر، والمقرر على الفرقة الثالثة؛ قطاع كليات اللغة العربية.
2 - كتاب
الأدب المقارن/ للدكتور محمد غنيمي هلال، الناشر: نهضة مصر للطباعة والنشر
والتوزيع، الطبعة التاسعة – أكتوبر 2008م.
3 - كتاب
آفاق الأدب المقارن عربيا وعالميا/ للدكتور حسام الخطيب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) (كتاب الأدب
المقارن ومعرفة الآخر، تأليف الأستاذ الدكتور/ محمد طه عصر: ص77، ص78، بتصرف).
(2) (كتاب الأدب
المقارن ومعرفة الآخر، تأليف الأستاذ الدكتور/ محمد طه عصر: ص78 إلى ص80، بتصرف).
(3) (كتاب الأدب
المقارن ومعرفة الآخر، تأليف الأستاذ الدكتور/ محمد طه عصر: ص80 إلى ص81، بتصرف).
(4) (كتاب الأدب المقارن
ومعرفة الآخر، تأليف الأستاذ الدكتور/ محمد طه عصر: ص81 إلى ص82، بتصرف).
(5) (المرجع السابق: ص82).
(6) (كتاب الأدب
المقارن للدكتور محمد غنيمي هلال: ص257، بتصرف).
(7) (كتاب الأدب المقارن ومعرفة الآخر، تأليف الأستاذ الدكتور/
محمد طه عصر: ص83 إلى ص84، بتصرف).
(8) (كتاب
آفاق الأدب المقارن عربيا وعالميا للدكتور حسام الخطيب: ص124: 126، بتصرف).
(9) (كتاب
الأدب المقارن للدكتور محمد غنيمي هلال: 145، بتصرف).
(10) (كتاب
الأدب المقارن ومعرفة الآخر، تأليف الأستاذ الدكتور/ محمد طه عصر: ص83).