الخميس، 4 أبريل 2019

الغنى بعد الفقر


الغنى بعد الفقر



أحيانا نجد أناسا فقراء شملتهم عناية الله فأصبحوا أغنياء اليوم بعدما كانوا لا شيء فنتعجب وتصيبنا الدهشة.
فيا ترى ما هي الوسائل التي قاموا بها لكي تشملهم تلك العناية الإلهية فأصبحوا وسادوا بعدما كانوا لا شيء؟
فللإجابة على هذا السؤال نقول:
الغنى المشروع الذي لا ريب فيه يحصل عليه الإنسان بعد أن يتعايش مع هذه المواقف الآتية:
1 – كانت الحياة مليئة بالحزن والكرب العظيم: فعندما ولد صديقنا من هنا فإنه لم يشعر بسعادة الأيام سوى لحظات معدودات، وكلما ينتهي من هم أتاه هم جديد، وكلما انتهى من حزن وكرب دخل في حزن وكرب أعظم، لدرجة أنه لا يدري الإجابة على السؤال نفسه، لماذا أنا فقط؟ ولماذا يحدث كل هذا معي؟
بل ويظن أن في خلقته شيء من الشؤم أو أي أمر من هذا القبيل، فقد ضاقت عليه الأرض بما رحبت.
2 – الأمل في الله: بمعنى أن الإنسان الآن ضائع شريد ولا حول له ولا قوة سوى أنه يريد أن يتوكل على ربه ويصنع من المستحيل إرادة وهمة واستعداد لكل ما سيحدث مستقبلا.
ويعلم أنه لن يضيع ما دام أنه قد توكل على ربه وأن الله لن يخيب ظنه.
3 – ظهور ضوء ينير له طريق ظلمته الذي كان يعيش فيه: بعدها يظهر له نور خاص بصديقنا، فإما أن يكون هذا النور عبارة عن إشارة من ربه، أو ظهور سعادة جديدة في هذا التوقيت تأتيه في صورة بهية يحبها وكان يتمناها من قبل.
فمن هنا يمتلأ ثقة ويتيقن أنه يسير الآن على طريق مستقيم لا ندم فيه.
4 – كانت أول خطوة له سقوط: بمعنى أنه الآن قد قام بكل ما عليه من واجبات لكي يفوز بما يتمناه، لكن عندما جاء وقت تحقيق الإنجاز المنتظر سقط في الهاوية، ويشعر بأن السواد يحاصره من كل جانب، لكنه الآن يتمسك بالعزم الذي اكتسبه ولا يريد أن يستأنف طريق الفشل الذي وجد نفسه يسير فيه هكذا من غير مقدمات.
5 – التعاون على البر والتقوى: بمعنى أن الإنسان قد ظفر بشيء آخر ذا أهمية كبيرة وهو من الأمور الاختيارية، كأن تكون قد اخترت لنفسك شريكا في العمل ذو همة وثقة وفيه من طريقة تفكيرك ومعتقداتك الكثير، ووضعتما خطة لتسيرا فيه نحو النجاح، فكان التعاون على البر والتقوى طريقكما من غير مشاجرات ولا تحقير أو مضايقات أو أي شيء من ذلك، وكان الهدف هو تحقيق ما يراد تحقيقه.
أو أن الإنسان قد تزوج بزوجة على تمسك بدينها عظيم فكان التعاون على البر والتقوى طريق حياتهما.
هنا ستجد أن الغنى بدأ يأتي تدريجيا يوما بعد يوم، وهذا فقط من أجل التعاون على البر والتقوى.
6 – الصبر: بمعنى أن الأوضاع قد تحسنت الآن نحو الأفضل، وبدأت تباشير النجاح تظهر بوضوح، ولكن لم تتحقق الغاية بعد، بل ما يتحقق هو أقل من الغاية.
هنا يشعر الإنسان إما بالفرح والسرور فيذهب إلى طريق الدعة والراحة، وإما أن يشعر بالضيق والضجر ويستسلم، وإما أن يتخذ قرار عدم الاستسلام واستئناف المسير.
7 – وبعد الصبر يأتي الفرج: والفرج المقصود هنا هو أن الله سيحقق غايتك، ولكن هذا التحقيق من الممكن أن يكون على نفس الصورة التي رسمتها، أو على صورتها لكنها أعلى وأرقى من تلك التي خططت لها، أو على صورة مخالفة تماما كل المخالفة عما كنت تريد ولكن فيها من مستويات الغنى ما هو أعلى وأرقى مما كنت تحلم به، لكن الفرق أنك ستقول، هذه هي، وتكررها.
الخاتمة
هذه هي إجابتي المتواضعة عن هذا السؤال الذي يشغل بال كثير من العقول والأفئدة، ولقد استنبطتها من خلال ما رأيته وعايشته في هذه الحياة الفانية التي لا تساوي جناح بعوضة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه: - إبراهيم محمد إبراهيم الصياد.
تحريرا في عصر يوم الثلاثاء:
12 رجب 1440 هـ.
19 مارس 2019 م.
10 برمهات 1735 ق.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

شوقي رائد المسرحية الشعرية في أدبنا العربي الحديث

  المقدمة بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على المصطفى خير المرسلين، وشفيع ال...